أفردت وثائق موقع ويكيليكس المسربة حديثا حيزا للملف الفلسطيني وخصوصا قطاع غزة، وكشفت أن إسرائيل تشاورت مع مصر والسلطة الفلسطينية قبل بدء حربها على القطاع نهاية عام 2008 بشأن تولي السيطرة على القطاع بمجرد هزيمة حركة المقاومة الإسلامية (حماس). كما ذكرت الوثائق أن الجانبين رفضا طلبا إسرائيليا لدعم العدوان، إلا أنهما لم يقطعا خلاله “الحوار” مع تل أبيب.
ونشر الموقع المتخصص بالوثائق السرية مئات آلاف الوثائق الدبلوماسية الأميركية حول ملفات متعددة منها إيران وباكستان، مما أثار استنكار الولايات المتحدة التي اعتبرت أنه “متهور” و”خطير” ويؤثر بشدة على سياستها الخارجية ومصالحها وحلفائها في العالم.
وأشارت الوثائق إلى ما سمتها برقية صادرة عن السفارة الأميركية في تل أبيب، وجاء فيها أن وزير دفاع الاحتلال أبلغ وفداً من الكونغرس الأميركي العام الماضي أن إسرائيل أجرت اتصالات مع مصر والسلطة الفلسطينية قبل شن عملية (الرصاص المصبوب) على غزة.
ويذكر أن جيش الاحتلال شن العدوان على قطاع غزة بين ديسمبر/ كانون الأول 2008 ويناير/ كانون الثاني 2009، مما أوقع أكثر من 1400 فلسطيني استشهدوا وفق مصادر طبية فلسطينية.
رد سلبي
وكشفت الوثائق أن إسرائيل سألت الطرفين عما إذا كانا على استعداد للسيطرة على قطاع غزة بعد هزيمة حماس، موضحة أن “باراك تلقى ردا سلبيا، وهو أمر غير مستغرب”. وأضافت أن باراك انتقد “ضعف” السلطة الفلسطينية “وعدم ثقتها بنفسها”.
غير أن البرقية الصادرة عن السفارة الأميركية –وفق وثائق ويكيليكس- أشارت إلى أن إسرائيل أبقت “الحوار” مع مصر وحركة فتح خلال عملية (الرصاص المصبوب).
ومن جهة أخرى، ركزت وثيقة مسربة على تصريح للسفير الأميركي بمصر فرانسيس ريتشاردوني أدلى به عام 2008 تضمن –وفق المصدر- الإشارة إلى أن رئيس جهاز المخابرات المصرية اللواء عمر سليمان أبلغه بأنه إذا سارت المفاوضات بسرعة فقد تضطر حماس للتنازل عن السلطة في غزة خلال ثلاثة أو أربعة أشهر.
وأضافت الوثيقة أن الوزير سليمان اعتبر الحلّ كامنا في “إجبار حماس على الاختيار بين البقاء كحركة مقاومة أو الانضمام إلى العملية السياسية لأنه لا يمكن أن يكونا الاثنين” موضحة أنه أبلغ السفير الأميركي بأن حكومة مصر ستواصل الضغط على الحركة، لكنها ستحافظ على ما سماه مستوى اتصالات منخفض مع حماس.
ووفق نفس الوثيقة، قال رئيس جهاز المخابرات المصرية إن بلاده تريد عزل حماس ووقف هجمات صواريخ القسام، مشيرا إلى أنه “عندما تتوقف هذه الهجمات فإن الحكومة المصرية ستطالب إسرائيل أن تردّ على التهدئة بالتهدئة”.
وبعد فوزها بالانتخابات التشريعية الفلسطينية في يناير/ كانون الثاني 2006سيطرت حماس على قطاع غزة في يونيو/ حزيران 2007 بعد مواجهات دامية مع القوات الموالية لحركة فتح.
ومن جهة أخرى، أشارت وثائق ويكيليكس إلى ما سمتها برقية دبلوماسية لرئيس الموساد بتاريخ 26 يوليو/ تموز 2007، وقالت إن عبر فيها “عن وجهة نظر أكثر سلبية حول القيادة الفلسطينية”.
وأكدت الوثائق أن السفارة كتبت أنه “خلافا للسياسة الرسمية الإسرائيلية، عبر داغان عن رأيه الشخصي القائل بأنه بعد أكثر من عقد على محاولة التوصل إلى اتفاق نهائي مع الفلسطينيين لن يتم إبرام شيء”.
معلومات
على صعيد آخر، ذكرت وثائق ويكيليكس أن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أمرت دبلوماسييها بجمع معلومات عن قادة حماس والسلطة الفلسطينية من خلال برقية موجهة إلى سفارات واشنطن في مصر وإسرائيل وعمان ودمشق والرياض.
وأوضح المصدر أن الوزارة طلبت من هؤلاء الدبلوماسيين جمع ما سماه معلومات حول خطوط السفر الفعلية والمركبات التي يستعملها قادة حماس والسلطة الفلسطينية، بالإضافة لمعلومات مالية متعلقة بالطرفين لكنها لم تحدد الهدف من ذلك.
وفي رد فعل السلطة الفلسطينية على معلومات ويكيليكس، قال كبير المفاوضين صائب عريقات “ما نشره الموقع يثبت صدق الرئيس محمود عباس في رفضه القاطع للحرب الإسرائيلية التي شنتها إسرائيل على غزة”.
وعن مصير الثقة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي عقب نشر الوثائق، قال عريقات “أعتقد أنه ستكون هناك تأثيرات كبيرة إثر ما تم نشره، ولكن من السابق لأوانه الحديث عن شكل هذه العلاقة”.